منوع

الاتحاد الأوروبي يسعى إلى إحباط عقوبات أمريكية بمليارات الدولارات

اتهمت الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي بجر قدميه إلى تنفيذ حكم لمنظمة التجارة العالمية بإلغاء المعونات غير القانونية لشركة صناعة الطائرات الأوروبية “إيرباص”، وردت بروكسل بعبارات لا تقل قسوة عما استخدمته واشنطن من عبارات ضدها.
ويعد هذا الاتهام الأخير في مسلسل النزاع الذي بلغ عمره الآن 15 عاما، حيث رفعت شركة بوينج الأمريكية و”إيرباص” الأوروبية قضيتين متوازيتين أمام منظمة التجارة تتهم كل واحدة منهما الأخرى باستلام معونات غير قانونية من حكومتها.
ويدرس محكمون في منظمة التجارة العالمية طلبا أمريكيا بفرض عقوبات بمليارات الدولارات على منتجات أوروبية بعد حكم نهائي للمنظمة خلص إلى أن الاتحاد الأوروبي قدم دعما لشركة أيرباص بالمخالفة للقانون. ويستهدف الطلب تعويض الخسائر التي تكبدتها “بوينج” المنافسة في نزاع طويل الأمد بشأن مزاعم الدعم غير الشرعي لشركات صناعة الطائرات، ومن المتوقع أن يؤجج التوترات التجارية المتصاعدة عبر الأطلسي.
وفي أيار (مايو) الماضي قضت هيئة تسوية المنازعات التابعة لمنظمة التجارة بأن الاتحاد الأوروبي لم يمتثل لأحكام سابقة ضد الدعم الحكومي المقدم للناقل الجوي الأوروبي، وهو بيان يفتح الباب واسعا أمام الولايات المتحدة لرد محتمل يتضمن عقوبات.
وفي 15 من آب (أغسطس) أعاقت الولايات المتحدة طلبا أوروبيا بتشكيل هيئة تحكيم من قبل هيئة تسوية المنازعات لإثبات أن الاتحاد الأوروبي قد امتثل لقرارات منظمة التجارة الدولية بشأن دعم “إيرباص”، وهي محاولة قانونية لجأت إليها بروكسل لإحباط عقوبات أمريكية بمليارات الدولارات.
وأفاد بيان للبعثة التجارية الأمريكية في جنيف أن الطلب الأوروبي بتشكيل الهيئة “مجرد خطوة إضافية أخرى نحو إطالة أمد الإجراءات، في حين كان ينبغي على بروكسل الامتثال لحكم المنظمة ومعالجة تناقضاته في هذه القضية”.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة لن تقبل دعوة الاتحاد الأوروبي بتأسيس هيئة تحكيم جديدة لتقييم الإصلاحات التي يجريها التكتل على قوانينه المتعلقة بالدعم الحكومي، التي من شأنها أن تجر النزاع لفترة أطول.
وذكرت المذكرة الأمريكية أن “طلب الاتحاد الأوروبي تأسيس فريق تحكيمي آخر للتحقق من الامتثال في هذا النزاع الذي مضى عليه 15 عاما يضر منظمة التجارة ونظامها لتسوية المنازعات”.
وأضافت، أن “الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية الأربع المعنية في هذا النزاع (بريطانيا، وإسبانيا، وفرنسا، وألمانيا) لم تقدم أبسط المعلومات حول ما عملته للامتثال لحكم منظمة التجارة، وأن زعم الاتحاد الأوروبي بالامتثال هو تحريف متعمد ومفضوح”.
وترى واشنطن أن التكتل الأوروبي لم يشرح شيئا حول تعديلاته المزعومة التي أدخلها على بعض عقود المعونة، وأنه يتفادى تقديم هذا الشرح، ويتجنب أي محاولة لحل هذا النزاع.
وأشارت إلى أنه “بدلا من أن ينفذ الاتحاد الأوروبي التزامه بحكم منظمة التجارة في إنهاء هذا النزاع، يتحرك نحو طلب تأسيس هيئة جديدة للتحكيم، وهي خطوة أخرى تضاف إلى تاريخ الاتحاد الأوروبي الطويل من المناورات والتكتيكات في جر قدميه متباطئا في طريق تسوية هذا النزاع”.
وشددت الولايات المتحدة على أنه “ينبغي على الاتحاد الأوروبي معالجة سلوكه غير المتسق في منظمة التجارة العالمية”.
وفي رده على الاتهامات الأمريكية بعدم الامتثال في اجتماع في منظمة التجارة يوم الأربعاء الماضي، استخدم الاتحاد الأوروبي عبارات لا تقل قسوة عما استخدمته الولايات المتحدة، من بينها، “اتهامات مضحكة.. كوميديا.. إن لم تكن سخيفة”.
وسيكون الاجتماع المقبل لهيئة تسوية المنازعات في 27 أيلول (سبتمبر)، ويتوقع أن تصعد مثل هذه المناقشات على السطح من جديد.
وفي عام 2010، وجدت هيئة تسوية المنازعات أن تمويل طائرات “إيرباص” للركاب من حكومات فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وإسبانيا، هو عبارة عن معونات تنتهك أحكام منظمة التجارة.
وحسب واشنطن، فإن “إيرباص” تلقت مساعدات غير قانونية بقيمة 22 مليار دولار، منها 18 مليار دولار في شكل قروض من الحكومات، مما كلف شركات الطيران الأمريكية المنافسة مثل “بوينج” عشرات المليارات من الدولارات كإيرادات مفقودة.
من جانبه، يؤكد الاتحاد الأوروبي أن البلدان الأربعة قدمت معوناتها بما يتوافق وأحكام منظمة التجارة، على الرغم من أن حكم منظمة التجارة قال إن الإصلاحات السابقة التي أجراها التكتل الأوروبي في مجال المعونات “كانت ناقصة”.
في المقابل، يتهم الاتحاد الأوروبي واشنطن بتقديمها “دعما حكوميا ضخما ومستمرا لشركة بوينج”، وهو اتهام أصبح موضوع شكوى منفصلة أقامها الاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة أمام منظمة التجارة.
وينتقد عدد من كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إجراءات تسوية النزاعات في منظمة التجارة، ويرى ويلبر روس وزير التجارة، أن “أي آلية لتسوية نزاع تستغرق عدة سنوات، هي آلية فاشلة.. انظروا إلى حالة إيرباص، واحسبوا كم من الوقت مضى على هذه القضية أمام منظمة التجارة – إنها مهزلة”.
ومع ذلك، فقد أعاقت إدارة ترمب تعيين قضاة جدد في هيئة تسوية المنازعات، ما أدى إلى تفاقم التراكم المتزايد للمنازعات أمام تلك الهيئة.
وأوضح لـ”الاقتصادية”، مسؤول في البعثة التجارية الأوروبية، أنه “لم يبق أمام أوروبا سوى القليل جدا من الإصلاحات المتبقية في مجال الإعانات لتصبح تشريعاتها في خط متطابق مع أحكام منظمة التجارة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock