منوع

قيادات بشهادات مزوَّرة

كثيرون كتبوا عن الشهادات الجامعية المزوَّرة، وآخرون ما زالوا منهمكين في جدال حول المبررات التي تجعل معالجة الأزمة معقدة. وبين الكتابة والجدل تراقب الحكومة ردات الأفعال تجاه ملف تزييف الشهادات الصادرة من مؤسسات تحمل أسماء جامعات مرموقة في الخارج، بينما لا علاقة لهذه الشهادات بهذه الجامعات العريقة ذات السمعة العالية.

إن ظاهرة تزوير الشهادات العلمية قديمة لم تلتفت الدولة إليها إلا في السنوات الأخيرة عندما وقع الفاس في الراس، ولم يعد مقبولاً السكوت بسبب غياب نظام رقابي صارم يخضع لآليات مدروسة تمنع التحايل باعتماد شهادات مضروبة لا علم للحكومة بها أمام ما يقدم لها من شهادات موثقة وعمليات نصب متقنة.

لهذا كثيرون حصلوا، للأسف، على شهادات مضروبة تمكنوا من الحصول على وظائف مختلفة في الأجهزة الحكومية والخاصة، وبالذات في مجالات التدريس في الجامعات، والإدارة، والأعمال الأخرى. بل إن هناك معلومات تؤكد أن البعض يتولى مناصب قيادية أشارت الصحف إليها أكثر من مرة!

والسؤال: لماذا لا يحال كل من زوَّر شهادته العلمية وحصل على وظيفة غير مشروعة بسبب تزييف المعلومات والكذب، على المحكمة، خصوصاً أن نتائج التحقيق أصبحت أمام وزير التربية رغم عدم الإعلان عنها؟ فمن المخجل أن تشكل لجنة تحقيق منذ أكثر من سنتين، لكن لا أحد إلى اليوم يعرف نتائج أعمال هذه اللجنة الأكاديمية، أو لا تتخذ إجراءات عملية لإنهاء هذا الملف السيئ.

إن المماطلة في الإعلان عن نتائج التحقيق فتحت الباب واسعاً أمام الكثير من الإشاعات، ونشر الأخبار التي قد لا تكون جميعها صحيحة، لكنها واردة بسبب إبقاء الحالة كما هي من دون اتخاذ إجراءات قانونية وعملية تجعل الناس على بينة من الأمر، خصوصاً وأن بعض المزورين يدرسون في الجامعات المحلية.

وإذا كان وزير التربية لا يريد الإفصاح عن نتائج عمل اللجنة لأسباب سياسية أو غير ذلك، فإن من حق الناس أن تعرف حقيقة ما يثار إعلامياً حول موضوع مضى عليه زمن طويل من دون معرفة عدد المزورين، وجنسياتهم، ومناصبهم الحالية، وما مستوى شهاداتهم المزورة، وفي أي التخصصات وغيرها من تساؤلات تتردد بين حين وآخر على لسان الناس.

إننا لا نريد أن يتهم الوزير بالتسويف، وبإخفاء الحقائق أو المماطلة لكي لا يفسر البعض بأنه يواجه ضغوطات اجتماعية وسياسية تدفعه للتريث، أو ربما حفظ الملف كما يشاع. فلقد قال الوزير يوم 8 /7 /2017، في تصريح نشرته جريدة «الراي» عن أن ملف الشهادات الوهمية «حساس وله علاقة بالسمعة الأكاديمية سواء ما يخص الأكاديميين أو المؤسسات الأكاديمية»، لكنه أشار أيضاً إلى أنه لن يتردد في كشف المزورين.

إن التناقضات في الأقوال وردات الفعل الآنية لا تساعد على حسم الموضوع أو الخروج بتصورات لمعالجة أزمة الشهادات المضروبة، والمسيئة لسمعة التعليم، والتجاوز على القانون، فالمماطلة في العلاج أدى بهذا الملف أن يكون مثل الكرة يتقاذفها كل مسؤول. ومع ذلك يتساءل الناس عن دور هيئة مكافحة الفساد في هذه المسألة، خصوصاً وأنها مخولة بحكم الاختصاص أن تتولى البحث، وإحالة المزورين على النيابة؟

 

  • [quote bgcolor=”#eeee22″]الكاتب:| د. يعقوب أحمد الشراح[/quote]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock